الإثنين 2016/01/04

آخر تحديث: 15:20 (بيروت)

الباحثة ميرفت الهوز:تقنية بيئية لتحويل النفايات الزراعية سماداً طبيعياً

الإثنين 2016/01/04
الباحثة ميرفت الهوز:تقنية بيئية لتحويل النفايات الزراعية سماداً طبيعياً
"المشروع نموذج يمكن إعتماده في كافة الأراضي المزروعة" (جامعة البلمند)
increase حجم الخط decrease
الأزمة البيئية التي يمّر بها لبنان، نتيجة تراكم النفايات منذ شهر تموز الماضي، شكّلت دافعاً للباحثين لطرح مشاريع بيئية وتنموية، والبحث عن بديل للمطامر الصحية، المرفوضة من سكان المناطق التي كانت مقترحة لاستقبال النفايات. وهذه هي حال الدكتورة ميرفت الهوز، مؤسسة ورئيسة فرع الهندسة البيئية والمختبر في جامعة "البلمند"، التي أعلن في التاسع من كانون الأول الماضي عن فوزها بجائزة "الامتياز الأولى للبحث العلمي في المؤتمر الدولي الخامس لإدارة النفايات الصلبة"، الذي أقيم في الهند، بمشاركة 250 بحثاً علمياً من 60 دولة بهدف التخلص من النفايات الصلبة سواء الناتجة عن الهدم والبناء، النفايات الزراعية والصناعية والمنزلية والطبية والنووية.


واللجنة الفاحصة التي تألفت من 37 عضواً إختارت الطرح اللبناني الداعي إلى التخلص من النفايات الزراعية، من دون الاعتماد على الطريقة المكلفة أي حرق النفايات وتحويلها إلى طاقة، اذ أخذ مشروع الهوز في الاعتبار واقع المجتمع اللبناني الفقير والمفتقد إلى الخدمات الأساسية، فـ"قد راعينا مسألة قابليته للتنفيذ، وظروف المنطقة ولم نأت بحلول جاهزة من الخارج"، على ما تقول الهوز لـ"المدن"، خصوصاً أن المشروع الفائز يغطي محافظة عكار الزراعية بشكل كامل، وهو يخلف مشروعاً آخر أعدته الهوز، في العام 2012، وفاز بجائزة مؤتمر هيوستن، وكان يهدف إلى التخلص من النفايات في عينة مؤلفة من تسع قرى.

ينطلق طرح الهوز من أن "التربة اللبنانية ضعيفة، ويغلب عليها الكلس وتتعرض لعوامل التعرية، لذا يجب تأمين تغذية مستمرة لها عن طريق سماد يقوي التربة ويعززها لمنع الإنجراف"، وفق الهوز، التي تلفت إلى أن البحث الفائز يطمح إلى تغذية الأراضي الزراعية في عكار التي تبلغ نسبتها 56.6% من الأراضي ورفع إنتاجيتها، وكذلك إلى تخليص المزارعين من "جفت الزيتون الذي يُستعمل عادة في التدفئة لكنه ينتج مواداً سامة ومسرطنة وأمراضاً في الجهاز التنفسي، وكذلك الروث الحيواني الناتج عن المزارع، والتخفيف من إستخدام السماد الكيميائي الذي يزيد حموضة التربة". وهذا ما لا يمكن تحقيقه، وفقها، إلا بـ"التسبيخ وخلط مادتي الجفت والروث الحيواني، لإنتاج سماد طبيعي يؤدي في النهاية إلى الإستغناء عن السماد الكيميائي".


أساليب بدائية
وبعد دراسة معمقة لجميع التقنيات المتعلقة بمعالجة نفايات الزيتون اعتمدت الهوز تقنية التسميد windrow الأكثر مرونة لاستيعاب كميات متباينة من المواد الأولية وقابلة للتكيف مع ظروف التشغيل المختلفة والمرتكزة على التهوئة الطبيعية المفتوحة، إضافة إلى كون هذه التقنية هي الأجدى اقتصادياً وتجارياً، وتتناسب مع أساليب العمل البدائية. فعملية التسبيخ، التي تقترحها الهوز، لا تحتاج إلى يد عاملة كثيرة أو آلات ومعدات ضخمة، وبالتالي "يمكن تدريب المزارعين عليها، ونحن لسنا بحاجة إلا إلى قطعة أرض يوزع عليها مزيج الجفت والروث المنتج محلياً، ومن ثم يتم تشميسها وتعريضها للهواء عن طريق تقليبها".

على أن بساطة العملية لا تعني إمكانية تنفيذها عشوائياً، فلكل قطعة أرض خصائص مختلفة نظراً إلى "طبيعة تربة لبنان المعقدة"، لذا يجب فحص حرارة وحموضة الأرض ونسب الكاربون والنيتروجين فيها. وتلفت الهوز إلى أن البعض في عكار حاول تقليد العملية عن طريق مزج النفايات العضوية بالزبل، ولكنهم فشلوا لأنهم لا يعرفون أصول هذه الطريقة، موضحةً أنه "ليس صحيحاً أن كل ما هو عضوي غير مضر بيئياً، فخلط الجفت بكثافة عالية مع التربة من شأنه إحراقها".

والمشروع نموذج يمكن إعتماده في كافة الأراضي المزروعة، وتقول الهوز: "يمكنني أن أطبق الطريقة في كل لبنان، لأنها فكرة علمية وتتضمن كافة معايير المشروع البيئي المتكامل"، مضيفةً أن "خطط إدارة النفايات الصلبة ليست متشابهة، بل يجب أن تُبنى وفقاً لاحتياجات المجتمع". على أن نجاح هذا المشروع سيؤدي إلى تخفيض تكلفة إستصلاح الأراضي الزراعية، وفق الهوز، التي توضح أن "كلفة طن السماد الكيميائي تتراوح بين 400 و900 دولار، أما السماد الناتج عن تطبيق فكرة البحث فتبلغ كلفة الطن الواحد منه 200 دولار في أقصى حد".


إختيار الموقع
وتطبيق المشروع كان يلزمه إختيار موقع التسبيخ، وهي عملية معقدة تحتاج إلى الدعم الكامل من الجهات المعنية والرأي العام، وفق الهوز التي تؤكد أن "إختيار التقنية والموقع غير الملائمين سيؤديان إلى أضرار بيئية، وصراعات اجتماعية وسياسية وإلى انعدام الكفاءة الاقتصادية". لذا استندت هذه الدراسة على استخدام جميع المعايير والشروط الفنية وغير الفنية الموضوعة من قبل وزارة البيئة اللبنانية والاتحاد الأوروبي لتقييم مواقع إنشاء معمل تسبيخ مستدام، يحول نفايات معاصر الزيتون إلى سماد عضوي في محافظة عكار.

ولتحديد المواقع المناسبة لمعامل التسبيخ أستعين بخبرات الدكتورة أمل إيعالي، التي أعدت 7 خرائط باستخدام برنامج نظام الخرائط الجغرافي GIS، حددت فيها درجات انحدار الأرض، وجود الأنهر أو المياه الجوفية أو المحميات الطبيعية، ووجود مناطق ذات خصوصية (مناطق أثرية، الخ)، ووجود طرق وصول الى الموقع، ومدى قربه من المناطق السكنية، والمناطق المزروعة بالزيتون. وبالإضافة إلى هذه المعايير، أدخلت الهوز في دراستها شرطين أساسيين لإختيار الموقع، وهما "الحصول على التوافق السياسي، والحصول على موافقة جميع مستخدمي الأراضي الزراعية المحيطة، على أن يكون الموقع في متناول جميع المزارعين وأصحاب المعاصر الذين يرغبون في استخدامه".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها